سورة الإسراء - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (66) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً (69)} [الإسراء: 17/ 66- 69].
المعنى: الله ربكم أيها البشر كافة: هو الذي يسيّر لكم السفن في الماء الكثير، عذبا كان أو ملحا، للانتقال السياحي والارتزاق في أنحاء الدنيا بالتجارات المختلفة، إنه سبحانه بهذا التيسير كان متفضلا عليكم، رحيما كثير الرحمة بكم جميعا أيها العباد.
ومن رحمته تعالى وفضله العظيم: أنه إذا أصابكم أيها الناس المسافرون في البحر ضر وخوف غرق أو شدة، أو جهد ومشقة، ضلّ من تدعون إلا إياه، أي غاب، عن أذهانكم وتصوراتكم وخواطركم دعاء أحد وطلب نجدته إلا الله تعالى، فلا تتذكرون إلا الله، ولا تلجؤون لكشف الضر عنكم إلا لربكم الذي خلقكم ورزقكم من فضله.
ولكن مع الأسف تقابلون عادة ذلك الفضل الإلهي بالجحود والإنكار، لا الشكر وعرفان الجميل، فإذا أمنتم ونجوتم ووصلتم إلى البر والسلامة، نسيتم من دعوتموه فأنقذكم، وأعرضتم عن جانب الله الذي نجاكم، وعدتم إلى الشرك والكفران، وكان الإنسان بطبعه شديد الجحود والإنكار ونسيان نعمة الله تعالى.
وقوله سبحانه: {وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً} أي جنس الإنسان، فكل واحد لا يكاد يؤدي شكر الله تعالى كما يجب، وكل إنسان مهما عمل مقصر في حق الله تعالى.
أفأمنتم أيها المعرضون الناسون الشّدّة، حين صرتم إلى الرخاء والأمن، أن يخسف الله بكم مكانكم من البر وناحية من الأرض، أو يزلزل الأرض من تحتكم أو يرسل عليكم حجارة من السماء، ثم لا تجدوا بعد ذلك ناصرا تكلون إليه أموركم، وينقذكم منه لأنكم في قبضة القدرة الإلهية في البر وفي البحر. فقوله سبحانه: {أَنْ يَخْسِفَ} الخسف: انهيار الأرض بالشيء، وقوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً} الحاصب: المطر العارض الرامي بالبرد والحجارة ونحو ذلك.
فهل أمنتم أيها الراكبون في البحر إذا نجاكم الله من الغرق، وأمنتم من أهوال البحار، أن يأتيكم في البر بعذاب آخر من خسف وزلزال أو تفجير بركان أو مطر مصحوب بالحصباء، أي الحجارة الصغار؟! إنها لفتة نظر شديدة التأثير، وتنبيه للعقول والأفكار أن ألوان العذاب مختلفة متنوعة، منها الإغراق في البحار، ومنها الزلازل والبراكين، ومنها الأمطار المحمّلة بالحجارة، ومنها الريح العاتية التي تدمر كل شيء، وترمي بالحصى كل إنسان.
أو هل أمنتم أيها المعرضون عن ربكم بعد ما لجأتم إلى الله للإنقاذ من الغرق في البحر أن يعيدكم إلى البحار مرة ثانية، فيرسل عليكم قاصفا من الريح، والقاصف:
الذي يكسر كل ما يلقي ويقصفه، فيغرقكم في أعماق الماء بسبب كفركم وإعراضكم عن الله تعالى، ثم لا تجدوا لكم علينا تبيعا، أي نصيرا متابعا يطلب ثأرا، أو دينا أو نحو هذا، والمراد: لا تجدون من يتبع فعلنا بكم، ويطلب نصرتكم وإنقاذكم مما أوقعناكم فيه.
إن الذي يتأمل بهذه الإنذارات والتهديدات بألوان العذاب في البر والبحر، يدرك إدراكا صحيحا، أن قدرة الله الشاملة لا مفر منها ولا مهرب، لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولا في البر ولا في البحر، فالله رحيم بالطائعين الشاكرين الحامدين، ولكنه أيضا غضوب شديد العذاب للجاحدين وجوده، المنكرين وحدانيته، المعرضين عن أوامره، المتنكرين لفضله وإحسانه، وكل امرئ يختار لنفسه ما يحلو، فإن أراد السلامة والنجاة من الويلات، عفّ وقنع، وأطاع واستقام، وإن ارتكب طريق الحماقة والطيش، واستبدت به الأهواء والشهوات، وأعرض عن منهاج الحق والإله، أوقع نفسه في مهاوي الردى والهلاك.
تكريم الإنسان:
تشمل الرعاية الإلهية الإنسان من جميع أحواله المادية والمعنوية، فالله سبحانه ينجّي الإنسان المسافر من مخاطر البحر والبر، وهو سبحانه يصون كرامة الإنسان، ويحمي حقوق الإنسان، ويجعله خليفة الأرض، ويسخر له جميع ما في السماوات والأرض من منافع وخيرات، وذلك ما لم يحظ به مخلوق آخر ولا جنس آخر، وتلك فضيلة تميز بها الإنسان، وجعلته يختص بخصائص لا مثيل لها، وتظهر ثمار هذه الخصائص في تمكين الإنسان من الإفادة من خيرات الكون، وفي تفضيل البشر على سائر المخلوقات يوم القيامة، إنها النعمة العظمى والفضل الإلهي العميم، قال الله سبحانه مبينا مبدأ التكريم للإنسان:


{وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً (70) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71) وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً (72)} [الإسراء: 17/ 70- 72].
لم تقتصر أفضال الله على الإنسان في الدنيا، وإنما في الآخرة أيضا، ففي الدنيا كرم الله بني آدم، بخلقهم على أحسن صورة وهيئة، ومنحهم السمع والبصر والفؤاد للفهم والإدراك، وميزهم عن سائر الحيوان بالعقل الذي يدركون به حقائق الأشياء، ويهتدون به إلى جميع المنافع المادية، وإلى معرفة اللغات، والتمييز بين الخير والشر، والنفع والضرر.
وفي الدنيا حمل الله البشر في البر على الدواب وسائر وسائل النقل والركوب ورزقهم من طيبات الرزق، من زروع وثمار، ولحوم وألبان، وجمّلهم بالمناظر الحسنة، والملابس الرفيعة، وفضلهم على كثير من المخلوقات، وكل ذلك لنفي النقصان، لا التكريم بالمال.
واختصاص الإنسان بالعقل وتفضيله به على سائر الحيوان إنما هو من أجل معرفة الله تعالى، وفهم كلامه، والتوصل إلى نعيمه، وإعمال الفكر في مكنونات الكون، والإفادة من ذخائر الأرض ودفائنها، ومحاولة إدخال التعديل والتطوير عليها، وكل ذلك إنما يتم بتوفيق من الله ورضوانه، وإلهام وإحسان من الله على عباده.
وارتأى بعض المفسرين أن هذه الآية تقضي بفضل الملائكة على الإنسان من حيث هم المستثنون، والواقع لا يفهم من الآية شيء من هذا، بل التفضيل بين الإنس والجن لم تتعرض له الآية، ويحتمل أن الملائكة أفضل، ويحتمل التساوي، وفضلت الملائكة بأدلة أخرى من الشرع، والظاهر تفضيل الملائكة، فإن قوله تعالى: {عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا (70)} هو ما سوى الملائكة.
والمعوّل في الحقيقة على ما يقدّم الناس من أعمال يوم القيامة، لذا أردف الله آية تكريم الإنسان بما يذكّره من المقصود الجوهري والغاية الأصلية من خلقه، فخاطب الله نبيه بقوله فيما معناه: أذكر أيها النبي اليوم الذي نحاسب فيه كل أمة متجمعة مع إمامهم وقائدهم، فيقال مثلا: يا أمة محمد، يا أمة موسى، يا أمة عيسى، يا أمة فرعون وأتباعه، يا أمة النمروذ، يا أتباع فلان وفلان من زعماء الكفر، وفي ذلك الحساب تصفّى القضايا، فمن أعطي من هؤلاء المدعوين كتابه بيمينه علامة على القبول، فأولئك يتفاخرون، ويقرءون كتابهم بفرح وسرور، بما تضمنه من العمل الصالح، ولا يظلمون فتيلا، أي لا ينقصون أدنى شيء من جزاء أعمالهم الصالحة، ومن ثوابهم لا أقل ولا أكثر من الفتيل. وعبر عن ذلك بالفتيل: وهو الخيط المستطيل في شق النواة، للقلة في عرف الناس وعادتهم. وقوله: {يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ} عبارة عن السرور بكتابهم، أي يرددون القراءة ويتناقلونها.
ومن كان في هذه الحياة الدنيا أعمى عن حجج الله وبيناته وآياته التي أبانها في الكون، فهو يكون كذلك أشد حيرة وأعمى البصيرة والقلب في الآخرة، لأنه قد باشر الخيبة، ورأى مخايل العذاب، لا يجد طريق النجاة، بل وأضل سبيلا من الأعمى في الدنيا.
والأعمى لفظ مستعار لمن لا يهتدي إلى طريق النجاة، أما في الدنيا فلتركه إعمال الفكر والنظر، وأما في الآخرة فلأنه لا ينفعه الاهتداء إلى الحق، لأن الآخرة دار جزاء وثواب وحساب، لا دار تكليف وأعمال وأفعال بدنية أو مالية.
ما أدهش ذلك المنظر وتلك الحقيقة حين تتطاير الصحف أو الكتب في الجو وتوضع في الإيمان لأهل الإيمان، وفي الشمائل لأهل الكفر. أما المذنبون المخطئون من المؤمنين فيتسلمون كتبهم بأيمانهم، فيستفيدون منها أنهم غير مخلّدين في النار، ويستفاد من الآيات: أن من عمي عن شكر نعم الله والإيمان بمسديها ومعطيها، فهو في الآخرة وشأنها أعمى بعيد عن نوال ثمرة الإيمان والشكر على أفضال الله تعالى.
وإنما جعل الكافر في الآخرة أضل سبيلا، لأنه في الدنيا ممكن أن يؤمن فينجو، وفي الآخرة لا يمكنه ذلك، فهو أضل سبيلا، وأشد حيرة، وأقرب إلى العذاب.
محاولات المشركين فتنة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وطرده من مكة:
ظن المشركون الوثنيون في مكة أنهم بمكائدهم وممارسة ألوان خداعهم يتمكنون من صرف النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم عن شريعة الله وأحكامه من أوامر ونواه، ووعد ووعيد، وحمله على تعديل وحي الله، واختراع ما لم ينزله الله، وإقرار ما هم عليه من عبادة الأوثان والأصنام، فلما خابوا وفشلوا، توعدوا نبي الله بالطرد والإجلاء من موطنه مكة، فلم يفلحوا في النهاية، وكانت الهزيمة والدمار عليهم، والنصر والنجاح للنبي وأتباعه، قال الله تعالى معبّرا عن هذه المحاولات الخائبة:


{وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً (75) وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلاً (77)} [الإسراء: 17/ 73- 77].
نزلت الآية الأولى: {وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} في شأن قريش أو ثقيف، لأنهم قالوا للنبي: لا ندعك تستلم الحجر الأسود حتى تمسّ أوثاننا، وتلمّ بآلهتنا، فنزلت الآية تنهاه عن ذلك.
ونزلت الآية الثانية: {وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ} في اليهود الذين قالوا: إن كنت نبيا فالحق بالشام، فإن الشام أرض الحشر، وأرض الأنبياء، قاصدين بذلك إجلاءه من مكة أو المدينة، فنزلت الآية تهددهم بالإبادة، ونفّذ الله عليهم الوعيد في أنهم لم يلبثوا خلف النبي إلا قليلا، وهو يوم بدر.
والمعنى: همّ المشركون وحاولوا فتنة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن دينه، وإقرارهم وثنيتهم، وحينئذ لو اتّبع النبي ما يريدون، وفعل ما يطلبون لاتخذوه خليلا: صديقا لهم، وأظهروا للناس أنه موافق على ما هم عليه من الشرك. ولولا تثبيت الله لنبيه على الحق، وعصمته إياه من الضلال والانحراف لقارب الميل لخداعهم ومكرهم ميلا قليلا.
وإذا فعل ذلك، عاقبه الله بعقوبة مضاعقة في الدنيا والآخرة، وهو المراد بضعف الحياة وضعف الممات، أي ضعف عذاب الدنيا، وضعف عذاب الآخرة، لأن ذنب القائد أو العظيم ذنب شديد، يستحق عقابا أشد وأعظم، وإذا عوقب لن يجد أحدا يناصره ويدفع عنه الأذى، لأن السلطان المطلق في الحساب والعذاب إنما هو لله جل جلاله.
ولقد قارب أهل مكة واليهود أيضا أن يزعجوك يا محمد بعداوتهم ومكرهم، ويخرجوك من أرضهم التي أنت فيها، وهي أرض مكة أو أرض المدينة، وإذا طردوك وأخرجوك، لا يبقون بعد إخراجك إلا زمانا قليلا، فإن الله مهلكهم، ومدمرهم بسرعة، ونفّذ هذا الوعيد عليهم، فقد أهلكهم الله في موقعة بدر بعد إخراجه بقليل، وهو ثمانية عشر شهرا هجرية.
وعبر الله تعالى عن فرحة القرشيين بالإجلاء والطرد للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله سبحانه في آية أخرى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ} [التوبة: 9/ 81] وهو الفرح الذي يسبق العاصفة أو العذاب.
ثم قرر الله تعالى حكما عاما، وأعلمنا بسنة دائمة، فذكر سبحانه: أن من عادة الله وسنته ومنهجه في الذين كفروا برسله، وآذوهم، أن يأتيهم العذاب، بخروج الرسول من بينهم، فكل قوم أخرجوا رسولهم من أراضيهم، فسنة الله أن يهلكهم، ولولا أنه صلّى اللّه عليه وسلّم الرحمة المهداة لجميع الخلائق، لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به، ولا تغيير لسنة الله، ونظامه أو قانونه، وعادته، ولا خلف في وعده.
لقد أحبط الله مساعي المشركين الوثنيين في مكة في محاولة فتنة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن رسالته ووحي ربه ودينه، ومحاولة تغيير الوحي الإلهي، وهو إنذار لكل من يهادن أئمة الضلال والكفر ويجاملهم في ضلالهم وغيهم، أو يحاول تبديل كلام الله وشرعه، وإعلان لعصمة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عن التقصير في شيء. والمشركون حين تم لهم إبعاد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم من مكة وإخراجه منها، لم يضمنوا لأنفسهم السعادة والاستقرار والهناءة، وإنما توالت هزائمهم، في بدر والحديبية وفتح مكة وغيرها، وسقطت ألوية الوثنية وراياتها، وتعرضوا للعذاب والتدمير، والقتل والتشريد، ومن آمن منهم برسالة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ونجا.
تشريع والصلاة وإعلان الحق:
إن تماسك الأمة الإسلامية على عقيدتها وتوجهها نحو الله خالقها إنما هو بإقامة الصلاة، والتزام منهج الحق وطرقه، ومقاومة الباطل وجنده، وهذه المقومات الأساسية تجعل من المسلم والمجتمع والأمة قوة صلبة في دينها، وصادقة في عزيمتها وتوجهاتها، وما أحوجنا في كل زمان ومكان إلى صلابة الرجال، وصدق العزائم، والخشوع لله جل جلاله في الصلوات، والابتهالات والقربات، قال الله تعالى موضحا هذه الخطة:

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10